ذكرى إعدام القادة العسكريين للثورة بمنطقة الأوراس

الصفحة الرئيسية

ذكرى إعدام القادة العسكريين للثورة بمنطقة الأوراس

ذكرى إعدام القادة العسكريين للثورة بمنطقة الأوراس


مؤتمر الصومام والإنقلاب على الثورة


 بدأ التخطيط للإنقلاب على الثورة منذ شهر أفريل 1955 بتشكيل قيادة منفصلة عن قيادة الثورة بالأوراس، أي القيادة المستقلة لمنطقة العاصمة(ZAA) . ومثل مؤتمر الصومام منعرجًا حاسمًا في تطور مسار الأحداث التي طبعت فيما بعد جيش التحرير ( الجناح العسكري ) وجبهة التحرير ( الجناح السياسي ) .

وكان عبان رمضان وبدعم من بن يوسف بن خدة هو باعث هذا المؤتمر ومهندس أرضية الصومام، وكان يخطط من ورائه لسحب البساط من تحت أقدام القادة التاريخيين المتواجدين بالقاهرة عبر كذبة أولوية الداخل على الخارج، وثانيهما سحب البساط من القادة الميدانيين الحقيقيين للثورة عبر خدعة أولوية السياسي على العسكري .. ( هذا المصطلح الذي رجع الينا من مسيرات الحراك المختطف تحت شعار مدنية ماشي عسكرية و تزامن هذا مع حادثة رفع صور عبان رمضان من دون صور باقي قادة الثورة ليس صدفة . بل و يثبت فعلا ان المجرم سيرجع الى مسرح الجريمة و لو بعد عقود من الزمن )

اجمعت شهادات كبار المجاهدين و معهم مذكرات قادة الثورة و كذالك كتب المؤرخين و الباحثين في تاريخ الثورة على أن " قيادة العاصمة (ZAA) اتخذت قرارات تخالف تماما خطة القيادة "بالأوراس"، مثل الدعوة إلى مؤتمر الصومام في 20 اوت 1956 وتأسيس مجلس التنسيق والتنفيذ (CCE) الذي عبّر تأسيسه عن قلب النظام الثوري رأسا على عقب، حيث كانت نتيجته الأولى تقرير أولوية الجانب السياسي على الجانب العسكري في قيادة الثورة وتوجهها، أو بعبارة أخرى وضع مصير بن بولعيد وإخوانه المجاهدين تحت سلطة فرحات عباس وفرانسيس وبن خدة إلخ ... حتى خرجت الثورة من يد الأبطال الذين أسسوا جيش التحرير (ALN) وأصبحت بأيدي أولئك السياسيين دعاة الإندماج الذين كونوا نقابة لرعاية مصالحهم أطلقوا عليها اسم "جبهة التحرير" (FLN) لإغراء الشعب بعدها بالشعارات الرنانة تمهيدا لفضيحة اتفاقيات ايفيان "

 أبرز القادة العسكريين للثورة الذين غُيّبوا بالتصفية



بعد مؤتمر الصومام الذي تم رفض بنوده من اغلب قادة الثورة كانت هنالك حملة تصفية تمس القادة العسكريين لثورة التحرير و ليس صدفة أبدا انهم كلهم من مناضلي حزب الشعب .. وهنا لا توجد ادلة دامغة اكثر من ماذكره فرحات عباس في مذكراته لانه يعتبر احد اكبر المنادين بالاندماج مع فرنسا و يعتبر الثورة حرب اهلية .. وكان الذراع السياسية لرموز مؤتمر الصومام للذهاب و التفاوض مع فرنسا لوقف مايسمونه الحرب الاهلية .

  يشير فرحات عباس في مذكراته أنه : في ماي 1955 استقبلت مسؤولين من جبهة التحرير الوطني في منزلي كان العقيدان أوعمران و عبان رمضان ، طلبا مني أن أساعدهما ... تحدثنا ، وقلت لهما هل تعطياني الإذن للذهاب إلى فرنسا لإيقاف هذه الحرب مع الفرنسيين ، وقد سمحوا لي بذلك ، و ذهبت إلى فرنسا للتفاوض من اجل توقيف الحرب الاهلية .

 مؤتمر الصومام : عند انعقاد المؤتمر يوم 20 أوت 1956 ، لم يحضر ممثلوا الولاية الأولى : جبال أوراس و النمامشة ،بسبب استشهاد بن بولعيد ..( استشهد بن بولعيد في حادثة المذياع الملغم قبل انعقاد مؤتمر الصومام ) وهذا الغياب الذي تم استغلال الفراغ الرهيب الذي تركه بن بولعيد و قرر آنذاك مجلس التنسيق و التنفيذ المنبثق عن مؤتمر الصومام تنظيم الأمور في الاوراس . تخيل الجناح السياسي يملي على الجناح العسكري اوامره تحت حجج هيكلة الثورة و تنظيمها .. ليس هذا فقط بل وصل الامر الى اعطاء اوامر للاستجواب و التحقيق و حتى التصفية وهذا ما حدث مع عميروش الذي تم ارساله للاوراس للتحقيق مع اثنين من كبار قيادي الثورة الميدانيين اكبر رتبة منه و اقدمية في خوض المعارك و هم عاجل عجول . و عباس لغرور تحت حجج واهية منها اتهام عاجل عجول بمقتل بولعيد و محاسبة عباس لغرور في مقتل شيحاني ( و الاسباب الحقيقية هي رفض قادة الاوراس بنود مؤتمر الصومام )

 ليتم بعد ذالك التحقيق مع القادة العسكريين الذين فجروا ثورة التحرير و اشرفوا على اكثر من 200 معركة ضد قوات المستدمر الفرنسي تحت حجج واهية ومن اغربها اطلاق عليهم لقب " المشوشين " صدق أو لا تصدق نعم هم فعلا مشوشين على عملية اختراق الثورة و احتوائها و من ثم توجيهها الى طريق المفاوضات مع السلطات الفرنسية والتي كانت نتيجتها مهزلة اتفاقية ايفيان المشؤومة.

 ومن تتبع بإمعان تاريخ هذه الفترة قد لاحظ بدون أي شك التغيرات العميقة التي حدثت في جهاز الثورة كله .. ومن التبس عليه الامر يراجع مذكرات و شهادة المجاهد الرائد هلايلي الذي كان كاتبا عاما للمرحوم عاجل عجول حيث يقول بأن عبان رمضان كلف ثلاثة ضباط من الولاية الثالثة لتصفية قادة الولاية الأولى والاستيلاء عليها، وهم الرائد عميروش الذي أسندت له مهمة تصفية عباس لغرور وعاجل عجُّول وبشير شيحاني (المذكرات، ص 274) 

مشاهد من التاريخ الحقيقي_تأبى التحريف والنسيان


ويروي الرائد المجاهد هلايلي قصة محاولة اغتيال الرائد عميروش لعاجل عجُّول التي كان شاهدا عليها، وينقل فقرة من خطاب عميروش بعد فرار عجُّول وهو جريح: "إن هذا الخائن (عجُّول) الذي نجا من بين أيديكم هذه الليلة (20 أكتوبر 1956م) يجب ملاحقته إلى أن تقضوا عليه أو أن تدفعوه لأن يسلم نفسه للعدو" (المذكرات، ص 286). والضابط الثاني هو العقيد محمدي السعيد الذي أراده عبان أن يتولى الولاية الأولى عبر استدعاء قادتها إلى ولايته الثالثة. وأمّا الضابط الثالث فكان العقيد أوعمران الذي عين قيادة جديدة للأوراس لتعويض من يوصفون بالمشاغبين والممانعين، كما أسندت له مهمة تمثيل الثورة في تونس بدل أحمد مهساس وعبد الحي السوفي اللذين حكم عليهما عبان بالإعدام (المذكرات ص 274).

نفتح قوس صغير حيث يقول الرائد هلايلي ان عبان عين اوعمران في مكان احمد محساس الذي كان من بين المجموعة المغضوب عليها و التي اطلق عليها اسم المشوشين أو الممانعين و المشاغبين .. ولو نرجع الى مذكرات المجاهد احمد محسوس حيث نجده يقولها مباشرة «مؤتمر الصومام فتح الباب للاغتيالات داخل الثورة... ولقد حاول عبان اغتيالي... وإن نجوت أنا فإن جماعة "عبان" قتلت 15 معارضاُ لمؤتمر الصومام .. »

و بالتالي فإن تصفية قادة الاوراس كانت ضرورة حتمية فرضتها الظروف المحيطة به من تغير جذري في نظام جيش التحرير العسكري بعدما تحول الى نظام جبهة التحرير السياسية و ظهور قيادة جديدة و المتمثلة في لجنة التنسيق و التنفيذ التي طغت عليها الصبغة المركزية ( المركزيين هم من انشقوا على حزب مصالي الحاج ) و على رأسها عبان رمضان الذي سعى لإيقاف هذه الحرب ، التي كانت تتزعمها الأوراس ، هذه الأخيرة التي كانت لها العديد من القيادة التي ألحقت الخسائر الفادحة في صفوف الاستعمار الفرنسي ، و أدخلت الرعب في نفوسهم و هذا بشهادتهم كما أوردنا سابقا و ابرزهم عباس الغرور و لزهر شريط ، حيث أصبح قطاع عباس لغرور يوصف بجهنم من قبل اكبر ضباط الاستعمار الفرنسي اللذين ذاقوا الويل في هذا القطاع .

وبالتالي إن قمنا بربط كل هاته الشهادات التي نضعها في كفة و شهادة فرحات عباس فيما يخص رغبة عبان رمضان و العقيد أوعمران فيما يخص إنهاء الثورة و اتصالهم بفرنسا من أجل ذلك ، و شهادة بن عودة فيما يخص ان عبان رمضان هو من أعطى أمر لأوعمران لتصفية عباس لغرور ، هذا الأخير الذي سارع لتنفيذ الحكم ، فإنه تتبادر إلى أذهاننا أن عبان قام بتصفية عباس لغرور وقادة الاوراس لصالح فرنسا و قد يكون بأمرها ان كان على اتصال حقيقي بفرنسا كما صرح فرحات عباس ،لأنهم يشكلون خطرا عليها و على عبان رمضان و لجنة التنسيق بأكملها .

شهادة الرئيس السابق أحمد بن بلة رحمه الله حول مؤتمر الصومام وكيف كان انحرافا للثورة عن مسارها الذي بدأت به من بيان اول نوفمبر

كلام الشهيد زيغود يوسف رحمه الله حين قال وهو خارج غاضبا من مؤتمر الصومام حيث قال '' أن الاستقلال سنتحصل عليه أما الثورة قد انتهت "

إن هذا الإعدام الجبان لابطال الثورة في فترة كانت الجزائر تحتاج لقجميع قادتها الذين هم بهذا الحجم و من اعترافات العدو الفرنسي نفسه . ترك هذه الحادثة السوداء من اكبر الأخطاء الإستراتيجية لقادة جبهة التحرير الوطني ، اللذين سمحوا بتصفية قادة عسكريين من هذا الصنف .

المصادر_والمراجع

- مذكرات عباس فرحات
- شهادة المفكر مالك بن نبي
- مذكرات بن عودة
- شهادة أحمد طالب الإبراهيمي، في أصل الأزمة الجزائرية أو "حزب فرانسا"
- شهادة المجاهد أحمد محساس
- الكاتب الدكتور مختار هواري
- المؤرخ محمد زروال في كتابه " النمامشة في الثورة "
- شهادة المجاهد أحمد بن بلة، شاهد على العصر
- مذكرات الرائد هلايلي و شهادات المجاهد علي كافي...وغيرها. .


بقلم زكي أيوب
author-img
Dog world

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  • Unknown photo
    Unknown26 يوليو 2020 في 9:36 م

    حسبنا الله ونعم الوكيل الله يرحم الشهداء الأبرار... الحق اسم من اسماء الله الحسنى فمهما طالت الايام فهو يسطع ولا احد يستطيع طمس و إخفاء دما، طاهره كل همها كان ان تأتي باالاستقلال و إرجاع كرامه الالاف من الجزائر يين و تطهير أرضها الطاهره من المستعمر الغاشم واذنابها القذره التي باعت ضمائرها بارخس الأثمان.. تحيا الجزاير حره مستقله بابنايها الشرفاء

    حذف التعليق
    • Unknown photo
      Unknown27 يوليو 2020 في 3:20 م

      الواجب يقع على الؤرخين الجزائرين في اضهار الحق وكشف الحقيقة لابناء الاستقلال

      حذف التعليق

      البحث فى جوجل

      google-playkhamsatmostaqltradent